السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أفكر حين ابتدأت يدي بالكتابة الأن ، فبمجرد الانضمام إلى هذه المجموعة
الرائعة وجدت أصابعي تلوح بالكتابة ، لم أفكر في البداية ولم أفكر كيف
ستكون تجربتي الأولى لكني أفكر فقط بالتجربة والمشاركة ، ولأدع عقلي
يسير بي حيث يسير ولأجند يدي طوع إرادته .
ربما مادعاني عقلي بالخوض فيه يبعد عن طبيعة أعمالكم الأدبية الفنية
ولكنه على اية حال يتفق في أنه يخرج من أعماق داخلي المتغلغلة بالنيران ،
وهو القدر في ان أبتدأ تدويني معكم ليس بشعر ولا بقصة فاسمحولى فقط
بالتعبير عما بداخلي واسمحولي بأن أزكي مرتبة قيمة ثمينة في تاريخ الإسلام ألا وهي القدس المبارك والمسجد الأقصى .
كلنا يرى ويتابع الأن وكل يوم مايحدث من موقف هزلي في هذه الأرض المباركة ، اليهود يقتلون البشر ويدنسون المعالم الإسلامية ويغرزون أقدامهم في قلوبنا
وفوق رؤسنا ، يدمرون ويذبحون ويفعلون الأفاعيل ولا بنا من صوت
ولا حركة وما نحن فيه هو الذل والهوان والاستسلام والانكسار ،
وآخر مهاذلهم أنهم يعلنون تاريخاً مهيناً لهدم المسجد الأقصى ، ويلاً لهم
وأسفاً علينا ، هذا المسجد الشريف الذي هو من المساجد التي لاتشد الرحال إلا إليها
سيتحول إلى معبد لليهود، فهل حقاً سيتهدم الأقصى ويصبح كائن كان ولماذا
أتسائل وهو حالياً بين الحياة والموت فما هو الآن إلا مجموعة أعمدة
وجدران وأسقف وكل بنيته التحتية مخورة بالفعل .
أتسائل هل سيتدخل الله تعالى بقدرته وإرادته في كف أيديهم عنه ، هل
يحمي جنود الله في الأرض ، ولكني دائماً ما أيأس من الأمل حين أجد
المسلمين غارقين في المعاصي والذنوب والشهوات والأهواء ، حين أجد
ولاتنا لايصيبهم الهم ولا تحركهم النيران ، حين أجد اليوم الذي
أخبرنا به حبيبنا صلى الله عليه وسلم ( تتداعى عليكم الأمم.....) للأسف
أجد الإجابة في قوله تعالى ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
نحتاج إلى تغيير وإلى حقيقة أن نحصر عقولنا في تلك العشر
دقائق التي ذكرها أحدنا ، نحتاج إلى إيمان فوق إيماننا الهش .
مابيدي حيلة إلا أن أناجي الله سبحانه وتعالى وأدعوه وأتوسل إليه
أن تزيل غشاوة أعيننا عن طريقنا وأن يوفقنا إلى إسلام حنيف وقلب خاشع
لايخشى إلا الله ، أن يزيل عنا طوفان الذنوب والمعاصى الغارقين فيها وأن يبدلها بعزيمة وقوة الإيمان ، أدعو الله أن ينقذ أرض القدس من أيدي الباطشين الجبارين وأن يذلهم إن أرادوا بالأقصى سوءاً وأن يحميه ..........آمين يارب العالمين .
ولأبدأ معكم سلسلة تزكية القدس والمسجد الأقصى
لما خلق الله سبحانه وتعالى أدم ونزل إلى الأرض أمره ببناء البيت الحرام (على الأرجح) ثم بناء المسجد الأقصى وكانت الفترة بينهما أربعون سنة
عن أبي ذر الغفاري -رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: (يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ
وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قَالَ:
قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً،
ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ.) صحيح البخاري
وفي عهد نوح عليه السلام قد اختفى مع الطوفان واختفى المسجد الأقصى في العصور البائدة فكانت قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ورفع قواعد البيتين من جديد بعد أن عمر ابراهيم عليه السلام الأرض المباركة حول المسجد الاقصى هو وأبنائه
قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.) البقرة 127-128
عرفت الكتابة سنة 3500 ق م وبدأ تدوين التاريخ ،وقد عرفت أرض فلسطين أرض كنعان أو يبوس نسبة إلى اليبوسيين من العرب الكنعانيين ، أو عرفت باسم أورشاليم بمعنى مينة السلام نسبة إلى ملكهم الذي كان يدعى بملك السلام
وكان صديقاً لإبراهيم عليه السلام واحتفى بقدومه . وفي سنة 1600 ق م
عرفت أرض فلسطين باسم الهكسوس بمعنى الحكام الاجانب باللغة المصرية
القديمة وقد سكن بعضهم ارض مصر ومن الراجح نزول رسالة يوسف
عليه السلام في هذه الفترة .هزم أحمس الأول الهكسوس واتسع حكم مصر
ولاسيما في عصر تحتمس الثالث أول من لقب بالفرعون وخضعت القدس
لذلك الحكم الفرعوني وسام الفراعنة بنو إسرائيل (الأمة المسلمة آنذاك ) سوء العذاب
فبعث الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام لإخراج بني إسرائيل من هذا الظلم وقيادتهم إلى أرض النجاة أرض بيت المقدس واستكبر فرعون فأهلكه الله تعالى في البحر وخرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل من مصر إلى سيناء قاصدا الأرض المقدسة، حيث المسجد الأقصى المبارك، وكان ذلك إيذانا بزوال ملك آل فرعون
(وخلال هذه الرحلة كانت قصة تكليم الله موسى وجبل الطور الشهيرة )
ومع ضعف دولة الفراعنة وانحسار حكمهم المباشر للأرض المباركة (فلسطين)
انتقلت مقاليد الأمور إلى قبائل قدمت من جهة البحر المتوسط وجزيرة كريت من بحر إيجه ، سميت هذه القبائل باسم "بلستيا" Philistines، ومنه عرفت
فلسطين بذلك الاسم نسبة إليهم واندمجوا مع الكنعانيين واليبوسيين الذين حرفوا ملة إبراهيم عليه السلام واشتهر الجميع بالفساد وأطلق عليهم اسم العمالقة .
ورغم تعدد نعم الله على بني إسرائيل، الأمة المسلمة آنذاك إلا أن عصيانهم لموسى
عليه السلام بعد خروجهم من مصر تكرر لأكثر من مرة، ومن ذلك قصة
عبادتهم العجل ، قال تعالى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) المائدة 21 – 22
وتألم موسى عليه السلام لبقاء المسجد الأقصى محروما من وصال المؤمنين، دون أن تمتد إليه يد لتعميره أو إزالة المظالم حوله، فلجأ إلى ربه يدعوه أن يفرق بينه وبين القوم الفاسقين. وكتب الله عليهم التيه أربعين سنة، وذلك في أرض سيناء على الأرجح، حتى ينشأ جيل جديد لم يفسده الذل.
- قال تعالى: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) المائدة 26
ومات هارون عليه السلام في التيه. وبانتهائه، قاد موسى عليه السلام الجيل الجديد من بني إسرائيل الأكثر إيمانا نحو الأرض المقدسة، من جهة الأردن، ولكنه أيضا مات قبل أن يدخلها. ويروي الحديث الشريف أنه دعا الله تعالى أن يدنيه منها عند موته، فاستجاب عز وجل له.
وبعد وفاة موسى عليه السلام، بعث الله تعالى نبيا آخر هو يوشع عليه السلام تجاه الأرض المباركة، فعبر نهر الأردن حوالي عام 1190 ق. م وفتح أريحا.
- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ) مسند أحمد
ولكن بني إسرائيل جددوا عصيانهم، وخالفوا توجيهات الله تعالى لهم بطلب
المغفرة عند فتح القرى، فكفروا بنعمة الله عليهم بدلا من شكرها. وهذا الموقف
استتبع تأخر دخولهم بيت المقدس لسنوات طوال خلال ما يسمى
بعصر القضاة، والذي اتسم بالفوضى والانحلال.
- قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ. فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) البقرة 58- 59
واستمرت محاولات بني اسرائيل من بعد موسى عليه السلام سنيناً
عديدة لإتمام فتح الأرض المقدسة حتى أيقنوا بانه لاطريق للفتح سوى الإيمان
واللجوء لله فدعوا الله تعالى ،
قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ
ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ
أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا
وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) البقرة 246
وقد اختبرهم الله تعالى عدة اختبارات من بعد هذا الدعاء ،
وكان الاختبار الأول أن كتب عليهم القتال فتولوا إلا قليلاً منهم ، ثم كان
الاختبار الثاني وهو تولي طالوت ملكاً عليهم فقد اعترضوا عليه، وبرروا ذلك بأنه لم يؤت سعة من المال ومرة أخرى لم ينجح إلا القليل في هذا الاختبار ،
ثم كان الاختبار الثالث بعد أن سار فئة قليلة مع طالوت ملكاً عليهم ، فلقد أمرهم بألا يشربوا من نهر مروا عليه، رغم أنهم عطاش، إلا جرعات قليلة. ولم يلبث غالبية القوم أن فشلوا في هذا الاختبار الجديد، ولم يثبت منهم إلا القليل الذين وصفهم الله بالإيمان .
ثم مر هذا القليل بتجربة أخيرة هي ملاقاة جالوت ملك الجبارين في جنوده وجها لوجه. وهنا، لم يثبت إلا من يوقنون بالآخرة يقينا جازما، فدعوا الله تعالى أن يثبتهم وينصرهم على القوم الكافرين، وجاء النصر منه تعالى.
وبرز من القلة المجاهدة داود عليه الصلاة والسلام، فقتل جالوت، ملك الجبارين، وانتصر المؤمنون. وآتى الله عبده داود الملك والحكمة، وآتاه علما، وأنزل عليه كتابا هو الزبور وسخر معه الجبال والطير يسبحن، وألان له الحديد، فكان يعمل بيده، ووصفه الله تعالى بالعبد الأواب ذي القوة في العبادة.
- قال تعالى: (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص 17
وبعد أن تولى داود عليه السلام الملك، تمكن من فتح القدس حوالي عام 995 ق. م. فوسعها، وعمرها، وجعلها عاصمة لملكه، لتشهد هي ومسجدها المبارك
عهدا ذهبيا امتد حتى نهاية عهد ابنه سليمان عليهما السلام، واعتبر أبرز عهد لها عرفه التاريخ القديم.
ويزعم الصهاينة اليوم، والذين ينسبون أنفسهم لداود عليه السلام، أنه أسس نواة القدس الأولى التي يعتقد أنها كانت على تلال أوفل وسلوان المحاذية للسور
الجنوبي للبلدة القديمة بالقدس حاليا. ولذا، يطلقون على سلوان التي تعتبر البوابة الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك اسم "مدينة داود ". والصحيح أن
اليبوسيين العرب كانوا أول من أسس القدس في هذه المنطقة لوجود
عين سلوان بها، وهو ما تدل عليه الحجارة اليبوسية التي لا تزال موجودة فيها.
أما داود عليه السلام، فتمثل دوره في فتحها واتخاذها عاصمة لمملكته
التي امتدت لتشمل كل أراضي فلسطين، للمرة الأولى في حياة أتباع
من بني إسرائيل.
أعتذر عن الإطالة
وأعتذر أيضاً عن التوقف
هذه مجرد رشفة قلم عن تاريخ القدس والمسجد الأقصى باختصار شديد إ لى عهد داوود عليه السلام وإنها لمصطفاة كلها من القرآن الكريم والقص الإلاهي .
أعتقد أني قد أخرجت مافي داخلي من هم ولكنني ازددت ارتباطاً بهذا الأقصى.
توقفت عن نبي الله داوود ثم كان من بعده أحداث أخرى أثارت معرفتي
وهو ماتم في عهد نبي الله سليمان ثم أولاده والملكة هيلانة والدة الامبراطور
أغسطس البيزنطي والفتح الإسلامي ،وتوالي الدول عليها ( الأموية والعباسية
والمالكية والفاطمية والعثمانية ) عمرو بن العاص وصلاح الدين الأيوبي
وعز الدين أيوب وشجرة الدر إلى الاحتلال الانجليزي وحرب فلسطين 1948.كل ذلك باختصار شديد إن أردتم إكمالي الحديث فأخبروني وإلا فاعلموا أنه مهما تبادل هذه الأرض الأيادي الملوثة فمرجعها دوماً إلينا إلى الطهر .
اللهم فك قيود فلسطين وأنقذ المسجد الأقصى