يوم مرهق .. لكنه لا يعدو أن يكون يوما آخر من تلك الأيام التي تمر علي .. تبدأ وتنتهي .. دون أن أشعر .. دون ان أدرك أنها تسلب مني اللحظات الباقية لي في تلك الساعات .. التي تدعى العمر .. لم أكن أدرك تلك الحقيقة حتى اليوم .
عدت أخيرا .. وليتني لم أعد .. لكن لا مفر من المواجهة .. عدت إلى منزلي وبداخلي يجثم حزن فراقك .. وألم وحدتي في منزلنا بدونك .. عدت إلى ذلك المكان الموحش .. لم يعد أجمل الجنان بعد رحيلك .. بل صار أغرب الكهوف المظلمة .. صار أضيق الأمكنة في صدري .. بعد أن رحلت أنت .. عزيزي .
الآن أخطو بأقدامي الهزيلة عتبة منزلنا .. يسود سكون لم اعتد عليه .. ولم أشعر به إلا حين تهدأ أنفاسك في ظلمة الليل وأنت بجواري .. لم أكن أشعر بذلك الخوف حينها .. لأني أعلم أنك معي عزيزي .. لكن الآن .. وبعد أن وصلت إلى منتهاك .. إلى قرارك الأخير .. لتترك لذلك السكون البشع الفرصة ليستولي علي .. وقد تركتني بدون أسلحتي .. تركتني ورحلت .
حاولت أن أبدد أثر ذلك السكون بصوت أرتاح إليه .. كانت تلك الأغنية العذبة تذكرني بذلك اليوم الذي رأيتك فيه للمرة الأولى .. لا أزال أذكر لقاءنا الأول كما لو أن الزمن لم يمضي بنا خمسين عاما .. لا أزال أذكر ذلك اليوم السعيد الرائع حين رأيتني في ذلك الثوب الأبيض وابتسمت .. ثم داعبتني بقولك أني أشبه تلك الإوزة البيضاء التمايلة في خفة فوق صفحة الماء .. كان يوما لا ينسى .. وها هي ذكراه تعاودني فتمزق قلبي المنهك المشرد بعد أن ضاع منه مأواه إلى الأبد .
دخلت إلى حجرتك .. تلك التي اعتدت دائما البقاء فيها لساعات متواصلة تقرأ وتؤلف وتغني حين يحلو لك الغناء .. لا يزال كل شىء كما تركته .. تلك الأوراق المبعثرة حول ذلك القلم الأحمر .. كنت تحب دائما الكتابة بذلك اللون .. ودائما تخبرني بابتسامتك أنه لون الحب والحرية .. وهاهو ذاك القلم يشاركني الحزن لفراق أناملك الدافئة .. وها هي تلك الأوراق تواسيني بكلماتك .. ضممتها إلى صدري بقوة .. وأغمضت عيناي للحظة من الزمن نسيت فيها من أكون ومن تكون وأين أنا وما حدث .. ولم أشعر حينها سوى بتلك الراحة العذبة حين أسمع صوتك يناديني ويهمس باسمي في حنان .. اشتقت إليك ..
سرت في أرجاء الحجرة وبداخلى صراخ يشق أضلعي .. وبكاء يكاد ينفجر من عيناي .. لكني حاولت منعه ما استطعت .. والآن قد دارت الدنيا من حولي فلم أعد أعرف أى مكان يؤويني .. تحركت قدماي .. لا أدري كيف إلى غرفتنا .. وجدت ملابسك كما هي .. أسرعت إليها في لهفة وشوق .. أخذت ألثملها ودموعي تخبر عن أحزان العالم .
ارتطمت بحقيقة قاسية .. بأنك قد ذهبت في رحلة بلا عودة .. وعلي الإنتظار حتى تنتهي رحلتي أنا الأخرى .. وآتي إليك .. ستؤنسني كلماتك .. وتخفف عني همساتك .. وحتى تلك اللحظة عزيزي .. سأظل أحبك .. وأشتاق إليك .
5 قالوا رأيهم:
رائعه رائعه رائعه
كدت أبكى :):)
عارفة
الفكرة جتلى من صديقتنا لما كانت بتحكيلك بعد وفاة عزيز عليها .. الكلام وصلني غصب عني بس شدني اوي لما كانت بتقول علبة السجاير زي مهي وكل حاجة مترتبة فى مكانها ..
:)
حلوة اوى :)
والجملة دى عاجبتنى
أني أشبه تلك الإوزة البيضاء التمايلة في خفة فوق صفحة الماء
:D
impressive and meaningful :)
جميل اوى يا ضحى ماشاء الله
انتى عارفة اللى بيصبرها انها تشوف ابنها
إرسال تعليق
هنا مساحة للتعبير عن رأيك بحرية ..