فاتانيستا .... إلى أين ؟

(صورة من نخاع الكلية .. من كان يصدق أن وسط تلك البقعة قد يوجد شىء بهذا الجمال ؟!)

 قلت لك في المرة السابقة .. وداعا ..

وها أنا ذا أسألك إلى أين .. ؟

إلى أين بعد تركك ذلك الأثر العميق .. أو ذلك الجرح الغائر ؟

صدقيني عزيزتي .. فلن تتمكني من مسح تلك الذكريات .. ومسح تلك الدموع والقبلات .. !!

عذرا فقد بدأت في الـ - تخريف - كما يقال .!!. لكن .. لم لا أهذي وأنا على وشك أن أبدأ في سرد حبي المجنون .. الثاني  .. الأناتومي !!

Anatomy

أو كما يقال بالفصحى - التشريح -

واسمح لي عزيزي أن أوضح من يقصدون بالتشريح .. أهو تشريح الجسم البشرى - كما يدعي أولئك الأوغاد !! -  ؟؟  أم تشريح .. طالب طب - كان الله في عونه وعون أبوه وأمه وإخوته وجيرانه وأهل الحتة والشارع وأحلى سلام لطنط بكيزة بنت عم مرزوق - ..

مجرد عينة لما يصيبني حين يذكر أمامي كلمة التشريح .. حالة نفسية عافاكم الله منها !

محاضرات تلك المادة العتيقة لا أذكر منها سوى د/ مكرم ذو القلب الطيب الأبيض الناصع  - عشان زملكاوي - والذي لأجله رفعنا كلنا ذلك العلم الأبيض معلنين استسلامنا لما قد يحدث لنا على يد غيره من المحاضرين .. لم أحضر كثيرا لأحكم .. لكنه كان الأفضل .. على ما أظن ..

لا زلت أذكر د/ منى وتفانيها في شرح المقدمة .. ولا أود أن يذكرني أحد بأنها هي من وضعت الإمتحان .. ! على الرغم من حسها المرح ولطافتها ...... !  لقد أثبتلي ذلك الموقف تلك المقولة الشهيرة .. ( في الطب  .. ترى العجب !! ) ..

سكشن الأناتومي .. هو يوم مميز .. بكل ما فيه من الأحداث والوقائع .. ألطفها على الإطلاق أن ذلك السكشن يؤخذ في المشرحة - على أساس إنه المفروض يتاخد في الجونينة يعني  !! - .. لكن الطريف أن المخلوق الطبيعي حينما يدخل المشرحة عليه أن يقابلها بلتقديس والتبجيل كما يقول ( الصعيدي ) .. وسيأتي التعريف لتلك الكلمة بعد قليل .. لكن دعوني أخبركم أن المخلوق الطبيعي يجب أن يتجنب دخول المشرحة بالطعام والعصائر وخلافه .. لكن طالب الطب المجتهد لا يحلو له الأكل إلا يوم السكشن .. كما أن معدته المبجلة  تستيقظ على رائحة الفورمالين المحببة ..

آه .. بخصوص الفورمالين .. اعتدنا في الأفلام ذلك المشهد الرومانسي حيين تصاب الفتاة بالدوار ثم الإغماء ليلتقطها زميلها ويتبادلان قصة حب ولدت مع فورمالين .. ومن الطبيعي أن تنتهي في المشرحة ! .. لا أذكر حدوث ذلك في أى من أيام السكشن ( مبنشوفش الحاجات دي عندنا ! ) .. وهنا مرة أخرى تتجلى المقدرة الفائقة للمصري بوجه عام وطالب الطب بوجه خاص في القدرة على التحمل .. - اذا كانت المعدة بتهضم الزلط , هيصعب عليه شوية فورمالين ! - ..

المعركة ..

وصف دقيق لما يحدث في السكشن .. ولن أقول أن وصف المعركة ينطبق على شرح المعيدين وهم يتعاركون مع المعلومة أو عراكها مع عقولنا لكي تدخل أو عراك الملل مع ارتفاع درجات الحرارة .. لكن تلك الكلمة تنطبق على ما يحدث بعد أن ينتهي المعيد من الشرح ويستعد الطلبة للمشاهدة - عالطبيعة - .. ويصطف الجميع أمام الجثة .

عذرا فقد أخطأت في كلمة يصطف .. ففي العلم لا شىء يدعى الإصطفاف أو النظام أو أى شىء من هذا القبيل .. بل هناك .. معركة !!

أولها القتال مع غيرك من الزملاء للوقوف في أقرب أو أعلى مكان للتحكم بمنظور الرؤية الكاملة .. وقد ينتهي ذلك القتال المرير إما بالنصر بالتمركز فوق الجثة أو في فم المعيد أو حتى فوق غيرك من الزملاء - قال زملاء قال !! - وإما ينتهي بالشهادة .. لتخرج جريحا مصابا بشدة بلوزة أو قطع في الطرحة أو خدش في القميص - انت ونصيبك - أو صريعا .. بلا جراح لكن بلا يد أو قدم لتمشى عليها .. !!

بعد أول مشهد تصل لنتيجة حتمية .. أنك لن تحاول القتال مرة أخرى .. أو ستحاول وأنت وائق من النصر !! ( ابقى قابلني !)

مشهد طريف حينما تنال النصر أخيرا وتتمركز على إحدى الكراسي لتبدأ في توجيه نظراتك إلى المعيد أو محاولة سماع الصوت .. لتجد نفسك قد تتهاوي فتنزل قليلا .. وبمجرد أن تطأ قدمك الأرض تكتشف أن قد تعرضت للإحتلال من قبل متطفل على موقعك .. لتلعن ذلك اليوم لذي تركت أرضك للغرباء ..

اللطيف أنك تقف مبهوتا من ذلك المشهد العجيب وتحاول أن تدرك ما حدث للتو .. لتتجاوز تلك المحنة مستسلما - لأنك مؤدب ومش بتاع مشاكل - فتذهب لإحضار كرسي آخر .. أو تخرج مخزي الجبين ..

الجميل أنك قد ترى عدوك اللدود الذي احتل موقعك فتحاول التحدث بلباقة واستعادة حقك منه - بالذوق - لتجده قد تركك وذهب بعيدا .. وحين تعرف اسمه وتقرر أنك ستنسى الأمر .. وحين تراه تلقى التحية بقولك - ازيك يا سعيد/ة ؟ - لتجد الرد بابتسامة وفم ينطق بـ - الحمد لله - وعقل يضحك ويقول - عبيط ده ولا إيه - .. !!

والله كانت أيام .. ! أحلى حاجة انك بعد ما المعيد خلص توزيع اللحمة تحاول تضور على حاجة جديدة استفدتها متلاقيش حاجة تعوضك القتال المرير اللى فات ..

د / سامح

دكتور جميل

دكتور معقول

مقدرش أقول حاجة عنه ..

الحقيقة أنه كان المنقذ .. لن أخبركم عنه فالجميع يعرف من هو .. ويكفيني فقط أن أسطر تلك الجملة بأن الجميع يحبك ويحترمك كأخ قبل أن تكون معلم .. فلك جزيل الشكر ..

بس بالله عليك  تبطل الأفشات العجيبة في وسط الحصة !!

انتهت المهلة

وحان وقت السداد .. !

تبا لك فاتانسيتا .. ! لم لم تدعينا نمر في سلام .. لم أجبرتنا على دخول الإمتحان !

في البداية .. امتحان العملى .. تحفة فنية .. اكتفي جميع من كان حظه العسر في اليوم الأول بمشاهدة الـ Spot كتحفة فنية غريبة الصنع والمنشأ والتكوين ثم الخروج من ذلك الإمتحان مبهوتين ..

الصعيدي .. كلمة أعجمية خبيثة .. لا داعي لأن أعرفها فتكفي الدعوات عليه أن تخبرك أنه واضع الإمتحان .. !

فاجعة أخرى في آخر يوم .. اكتشفوا عن طريق الخطأ أن هناك من يغش .. - ووالله العظيم محد غشش حد حاجة - إلا أنه وسواس قهري جعلهم يغيرون الإمتحان .. وكان قريبا لإمتحان الصعيدي .. !

سؤال يتأرجح في ذهني الآن .. فقط أريد أن أفهم ما  الذي يقيسه امتحان كهذا ؟ ! أو امتحان كالذي أتى في النهاية ؟ !

" هق هق هق ... لا شىء  !!! "            .من الأقوال المأثورة عن طب طنطا !

الإمتحان النهائي .. إحساس رائع وأنت تنظر إلى ورقة الأسئلة لتقوم مسبقا بتأجل الأسئلة التي قد - ولا حظ كلمة قد - تكون صعبة .. ومع نزول عينيك وقلمك في ورقة الإمتحان تكتشف أن السؤال الوحيد الذي يمكنك أن تجاوب عليه هو كتابة اسمك على أول الورقة ويا للأسف ( معليهوش درجات ) !!

لا تنكر عزيزي المنحوس - أن الدكاترة بيحبونا - فبعد تقديم تلك الوجبة الرائعة  .. لازم يجيبوا التحلية  - امتحان McQ

سؤال ساذج إلى حد ما .. ليخبرني أحدكم معنى تلك الإختصارات .. !!

أليس أمرا مخزيا ألا تعرف معناها بعد مرور سنة من وجودك في تلك الكلية العتيقة  ؟! .. كما هو أمرا مخزيا أن تسأل صديقك هو قسم البايو في الدور الكام ؟ ! ...

تذكر دائما تلك الكلمات وأنت مقبل على أى ذكرى للكية ... وكل مفاجأة من مفاجآتها ..

مرحبا بك عزيزي في كلية الطب  !

لسة كمان شوية !