الاثنين، 14 مارس 2011

لوحة



أمام لوحاتها تقف صامتة .. تعيد قراءة ما ألقته ريشتها من معانٍ .. تنساب روحها مع الألوان كأنها ترسمها للمرة الأولى .. كذلك تتذكر مع لوحاتها مشاعرها المختبئة وذكرياتها التي بعثرتها الألوان فجأة في داخل قلبها الرمادي .. اعتادت أن تجعل اللون مرسال حسها المرهف .. تترك لكل العيون حرية النقد والإعجاب وحتى الإزدراء .. و تمنحهم لوحاتها في النهاية سعادة التعبير عن الذات !

في معرضها تدور بين اللوحات .. كأنها زائرة من الزوار .. تستمع فقط إلى من حولها .. تتلذذ بحديث أحدهم حين يبدأ في البحث عن المعنى الضائع في اللوحة .. تبتسم كلما وجدت من غرق في دوامة من الألوان والأحاسيس المتضاربة المختلطة فقرر الهروب من تلك  اللوحة إلى أخرى أقل تعقيداً .. تستمتع بمتابعته بعينها وهو يقفز من لوحة إلى أخرى حتى ترى قدماه تبتعدان عن المكان وهو غارق في بحر أفكاره تائه لم يدرك بعد أن التعقيد بداخل نفسه .. تنتبه على صوت عالٍ يقول في سخرية بأن تلك اللوحة ليست سوى  (( عك )) .. هكذا عبر عن لوحتها المفضلة ! .. تسمرت في مكانها قليلاً .. ثم أكملت سيرها التائه بين اللوحات وعلى شفتيها شبح ابتسامة معذبة !

شعرت بأنها وقعت من حيز ذلك العالم الصاخب إلى حيز نفسها الصامتة التي عادةً لا تقل عن ذلك العالم صخباً وضجيجاً .. لكنها الآن وقعت في هدوء بنكهة الشيكولاتة البنية المترددة و دفء اللون الأحمر الناري .. تساءلت عما خطر ببالها حين قررت رسم قلوب بلون الشيكولاتة و كوب قهوة أحمر ! .. اندفعت تجري بلا روية وراء تفاضيل ذلك الكوب الدافئ .. تلك النقوش الملتوية الزهرية على حافته .. حين سمعت صوته متردداً ينادي عليها .. عرفت صوته على الفور فلم تلتفت إليه .. بل اكتفت بابتسامتها الراضية وهي تشعر برغبة قوية في ملامسة شفتيها لتلك النقوش على حافة كوبها الدافئ .. أخبرته في حنان بأنها لم تغضب منه يوماً حين كان يطلق ضحكته المدوية الساخرة وهو يخبر الجميع بثقة شديدة بأن لوحاتها نوع من الـ (( عك )) .. أخذت تقترب  بأناملها الباردة ببطء إلى الدفء المنبعث من ذلك الكوب المتوهج .. بحثت عن صوته فلم تجد له أثراً كما توقعت .. فاستمرت أناملها في الإقتراب ببطء حتى شعرت بحرارة منبعثة تحتضن أناملها .. أخيراً قد وصلت إليه .. سمعته يهمس .. يتمتم بكلمات .. أو بكلمة .. لم تنتبه كثيراً .. فقد كانت على وشك أن تمسك بذلك القلب البني المشاغب بجانب الكوب الناري الدافئ لترى كيف يكون طعم تلك القلوب .. وجدت قلبها بين جوانحها يهمس هو الآخر بكلمات .. أو كلمة .. لم تنتبه كثيراً .. فقد كانت تستمتع في تلك اللحظة بتذوق قلب بني بنكهة الشيكولاتة  يذوب بداخلها .. ابتسمت طويلاً .. تمنت أن يدوم طعم الدفء في فمها أكثر .. حاولت أن تعطيه هو الآخر قطعة صغيرة من ذلك القلب ..ليتذوقه معها .. ليستعيدا معها لذته المنسية في أبعاد السنين الماضية ..  تذكرته .. هو .. هو .. لكن أين هو ؟! 

" لوحاتك مبهرة ! " .. التفتت فجأة لتجد ذلك الصديق القديم يهنأها على افتتاح معرضها أخيراً .. نظرت إليه نظرة طويلة كمن يعود من سفر بعيد .. لكنها أخيراً تكلفت الإبتسام .. شكرته على زيارته .. ودعته وانصرف .. و عادت تنظر حولها كمن يتعرف على الأشياء والموجودات للمرة الأولى .. عادت إليها ذاكرتها كما كانت قبل دقيقة .. نظرت إلى اللوحة أمامها .. عاد كل شئ إلى مستواه السطحي .. لمست تلك الألوان المجردة .. ثم ابتعدت .. لتعاود ترحالها بين الذكريات واللوحات .. وبداخل فمها نكهة شيكولاتة مرة .. وبقلبها أنين فراق .. أحمر !

5 قالوا رأيهم:

sony2000 يقول...

الله عليكي

بجد روعه

ملحوظه:
احنا عملنا حمله وعوزين نبتدي فيها
لو كدا تعالي اشتركي معانا
هتلاقيها فأخر بوست
مستنياكي

radwa el fatatry يقول...

to7faaaaaaa .. bgad malhaash 7aal ya3ni :D

قبل العالم الأخير يقول...

emotion wa7ed metanna7 mn el enbehaaaaaar :D
7a2e2y impressive !

Ahmed Elfeky يقول...

مبهر !

Doha يقول...

:) :)
Your words made me happy
Really
:D thanks

إرسال تعليق

هنا مساحة للتعبير عن رأيك بحرية ..

ازاي أنا رافع راسك وانتي بتحني في راسي ازاي ؟!

ازاي أنا رافع راسك وانتي بتحني في راسي ازاي ؟!

بحبك يا بلادي

بحبك يا بلادي

جمعة النصر : )

جمعة النصر : )

كلنا ايد واحدة

كلنا ايد واحدة