الخميس، 28 يناير 2010

لحن الخلود




لحن الخلود




فتاة فى الثامنة عشر من عمرها...لاجئة فلسطينيه...تلك كنت ...لكن اليوم قلمى لن يسطر قصتى وانما يسطر أروع امثلة الحب المتعددة انواعه ...قصة شهيدة ..قصة وفاء المغربى...تلك أختى ...فارقتنا منذ عام لتترك فى قلوبنا حزنا وفرحا...تكبرنى بعامين...استشهدت وهى ابنة العشرين ربيعا...سمراء جميلة الملامح...سكنها حنين الأرض وسئمت العيش فى كنف اللجوء...أبت الا ان تمارس حقها فى العوده ...وأطلقت العنان لرشاشها...لتعلم العدو ان للقدس عشاق...لتزرع أرض العدو موتا وشظايا...وتترك لنا قصصا ودروسا وحكايا
علكم الآن تتسائلون ماالقصه؟؟!
معاناتنا معاناة كل فلسطينى عاشق لوطنه...سكننا يافا...عشقنا تراب القدس...أبينا فراق أرضنا لكن أبى العدو بقائنا...وكعادة الجبناء ...طائره فى سماء يافا تحلق...لتحيل ظلمة الليل نهارا داميا ...حينها كنت فى الخامسه...لم اكن لأدرك ماحولى ...نعم ...سمعت الصراخ...رأيت النيران تستعر حولى...ثم وجدتنى محموله كالدميه على كتف أمى...لأجدنى فى ذلك المكان الذى أكتب منه الآن...مخيم للاجئين ببيروت ذلك مكانى ...لكن وفاء أدركت ماحدث حولها وحفر فى أعماق قلبها مشهد الرحيل...سقوط أبى شهيدا...مرارة الفرقه...ويالها من ذكريات مؤلمه فى نفس تلك الطفله وفاء
طالما آلمنا الفراق..لكننى حاولت التشاغل بحياتى حينها...بينما هى...لم يفارقها حلمها لحظة...حلمها بأن تحتضن أرض فلسطين...حلمها بأن تذيق العدو من نفس كأس الفزع والرعب...الحسره والخوف...طالما احتفظت بصور الشهداء وتغنت ببطولاتهم ...طالما تغنت بحلمها أن تنال شرفهم ...حلمها الاكبرالعوده اوالشهادة فى قلب وطنها
فكانت أصغر فتاة انضمت الى حركة ديرياسين ...لم تمنعها طبيعتها الانثويه من ابراز اقوى الأنياب...لم تمنعها طبيعتها الحنونة الشقية كونها أشجع من رأيت...أتقنت القنص...برعت فى استخدام البندقيه...وعزفت أجمل الالحان حين أمسكت الرشاش
بدايتها اقتصرت على كونها فردا من الفرقه المنفذه للعمليه لكنها طالما تطلعت للقياده...فى كل عملياتها كفرد من الفرقه لم تتوغل لقلب فلسطين بل مجرد مناوشات حدوديه
كم اظهرت تعطشها للوطن...فمهما طالت الفرقه...عائدون...طالما رددت ((هى القدس ورحاب أقصانا العامره...أحبك ياقدس لا تسألينى لماذا وكيف وماذا أحب...حملتك جرحا سخينا بأعماق قلبى ونارا تشب))....كلماتها كلمات عشق وهوى ....
لكنها فتاة كأى فتاة ...مفعمه بالحب...تمتلك أرق القلوب...فكيف لها ألا يداعب قلبها ذاك حبا...نعم...امتلأ قلبها حبا وحنينا للوطن...لكننى اقصد ذلك الحب ...حب من نوع آخر قد سكن قلبها...بالطبع لاحظت...بالرغم من محاولتها للاخفاء...لكنه ذلك البريق الذى لايمكن اخفائه...فهو يطل من العيون حين أذكر اسمه...انه خالد ذلك البطل ...أحد ابناء الحركه...مرافقها فى كثير من العمليات...داعب الحب قلبيهما البريئين...حب أقوى من أن يقهره الموت فهو وليد الخطر وليد المعارك وخضم المحن...طالما لمحت ذلك التغير فى أساريرها وهى تروى لى أحداث معركتها فيأتى ذكره ...وكأننى ارى صورته تطل من عينيها الجميلتين...شعرت بحرارة الحب تشع من قلبها...صارحتها...داعبتنى قائلة (ربما!!)
لكن تأكدت رؤياى حين وجدت خالدا وامه فى بيتنا ...تمت الخطبه
اذكر تلك السعادة فى وجهها أذكر حلمها بالفستان الابيض ...البيت الملىء بالحب...الاطفال المفعمين بحب الوطن..أبطال الوطن القادمون....ولكنى أذكر أيضا اقتطاعها لاحلامها تلك بحلمها الاكبر (الشهادة)
ويأتى اليوم...لأجد وجهها مشرقا...شمس متوهجة هى يومها...ملاك آدمى...داعبتها بقولى أهو الفستان الابيض...فقد كان من المنتظر أن يتم عرسها فى ذلك الشهر...نظرت الى مبتسمه وقالت (بل هو حلمى الاكبر عمليتى القادمه بقلب فلسطين ...أخيرا ...أرمى بنفسى فى أحضان أرضى...أغسل حزن اليأس وألم الحنين...استمعت لذلك فى دهشة ...يتسارع نبض قلبى ...أفكر فقلت (وخالد...العرس ؟؟)
اكتفت وفاء بنظرة حانيه ومضت...لم اظنها يوما ستجرأ على التوغل بقلب فلسطين فكلنا نحلم لكن قليل منا من امتلك الشجاعة لتحقيق ذلك الحلم
لم استطع ان اثنيها فهى شعلة حماسه وقد كانت الحركه فى أمس الحاجه لتلك العمليه بعد فشل متتالى فى عمليتين ...لم يكن هناك بد منها لاثبات قدرة الحركه على البقاء والعطاء ....فكانت وفاء قائدة تلك العمليه ...فهو ذلك الشوق لتراب ارضها وممارسة عشقها تحت سماء حبها المقدس
وانطلقت وفاء ...أحسست تلك المرة بلذع الفراق ...خالجنى ذلك الشعور انها لن تعد...لأجد بابنا يطرق ...جريت لأفتح...علها وفاء...علنى اخطأت ظنى...فتحت...لأجده خالد...وجه ملىء بالدموع...عيون سكنتها الحسره الممتزجه بشىء من الفرح...ادركت اننى لم أكن مخطئه قط فى ظنى...لقد زفت وفاء فى ثوب من دمائها الى حبها الابدى وعشقها الاول...حينها تذكرت قولها ((ومن لعشاق القدس غير القدس يبوحون لها ..ليصبح البوح من بعض حجاراتها...وأزقتها...وعبق حكاياتها...وأنين الصابرين))
لأجدنى أبكى ...أضحك...لقد نالت حلمها...عانقت دماؤها تراب عشقها...نعم فقد مارست حبها...لكن حين عدت الى الواقع ...خالد ذلك المسكين الذى انتظر ان تزف فتاته اليه فى ثوبها الابيض ........ألم..حزن..دموع..فرح !!مشاعر متضاربه !!فهاهى وفاء ابنة العشرين التى لم تر فلسطين سوى لحظة الموت...قادت مجموعتها..وأطلقت العنان لذاتها بأن تمارس عشقها وتعزف لحن الخلود برشاشها لتستشهد فى قلب وطنها
أنتظروا ....لم أنته بعد
خالد ...واصل كفاحه ونضاله لاجل وطنه عله ينال شهادة لتتلاقى ارواحهما...لكن منذ شهر ألقى القبض عليه اثناء اشتباكه مع جنود الاحتلال ولازلت لاأدرى أستشهد؟ أم اسير هو فى أحد المعتقلات ؟
أتسائل ..أروحاهما الآن قد زفا فى جنة الخلد ...بأجمل الاثواب من السندس والاستبرق ...أثواب الشهاده فى سبيل الله والوطن ؟؟
أم كلاهما الآن أجسادا ضائعه ...فالى اليوم لم نستطع استعادة جثمان وفاء الغاليه ...أبى العدو أن يعيدها ...وخالد فى أى معتقل هو ؟؟
أنا...انتهجت خطاها ...علنى يوما ألقاهما لأعلم ما حدث بعد الرحيل ...ولازلت أنتظر صلاح الدين...وابتسامة شوكة تعرشت فى غيابى على ضريح أختى المفقود...سأستمر برسم الورده...حتى وان جفت وتيبست كل الورود...أرسلها لكل شهيد....لربما يأتى اليوم ونعود...وقد يأتى طوفان الحب العربى




3 قالوا رأيهم:

Think Pink يقول...

اعتذر على التطويل...ربما قصتى تلك ساذجه ...لكنها ماجاء بببالى حين فكرت ان اكتب

Ahmed Elfeky يقول...

ليست طويلة بالمناسبة بل هى مناسبة الطول تقريبا ً ... العبارات متماسكة ... الألفاظ جيده ... قصة قصيره ممتعه وجيده

Doha يقول...

لم تكن القصة ساذجة على الإطلاق...جعلت نفسي تنطلق إلى أعماق تلك المعاناة...والألم الذي يعانيه أولادها..وأحباؤها...

كلماتك رائعة..
حبيت قصتك أوي...

إرسال تعليق

هنا مساحة للتعبير عن رأيك بحرية ..

ازاي أنا رافع راسك وانتي بتحني في راسي ازاي ؟!

ازاي أنا رافع راسك وانتي بتحني في راسي ازاي ؟!

بحبك يا بلادي

بحبك يا بلادي

جمعة النصر : )

جمعة النصر : )

كلنا ايد واحدة

كلنا ايد واحدة