الاثنين، 11 أكتوبر 2010

We don't say good bye


هي المرة الثالثة أو الرابعة التي أمسح فيها كلامي ثم أعاود كتاتبه مرة أخرى .. ربما لأني لا أكتب ما بداخلي حقيقة .. بل أعمد إلى استدراج الكلمات لتكوين موضوع ما يبعد كل البعد عن تلك المشاعر ..
 
لكن من منا لا يفعل ؟! من منا لا يبتسم وبداخله قلب يتشقق مع كل بسمة تخرج دونا عنه ؟! 
من منا يطلق العنان لقلبه ينطق بكل ما بداخله .. فقد نشعر بالحب تجاه أحد ما وتكبل أفواهنا .. حين ترتجف قلوبنا لرؤيته .. فنعمد إلى الحديث في أي شئ على أمل أن ينسينا الحديث تورد وجوهنا الخجلة ؟!
من منا يبكي ولا يخشى من إظهار دموعه ؟! .. من منا يعرف كيف يكون صادقا في مشاعره ؟! .. 

لا تتلعثم الآن !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أسفلت الشارع .. 

نعم هو تلك المادة الرمادية المائلة إلى السواد .. أسفلت الشارع .. أفتقده كثيرا .. فقديما كان مؤنس وحدتي في طريق العودة .. أحببت الرجوع وحيدة أسير في الطرقات حتى حين تبعد المسافات .. وأحينا ينتابني الجنون فأقوم بتلك المسيرة من باب الكلية إلى منزلي على الأقدام .. مؤتنسة بمناجاتنا سويا .. أنا والأسفلت !

بعد السلام والتحية والاطمئنان على بعضنا البعض .. يبدأ الحديث معي مستفسرا عن أحداث يومي الصعب .. فأجيبه بأنه كسائر الأيام .. يأتي ويمضي دون سلام ولا كلام .. فقط يبدأ في لمح البصر ويتركني وحدي غارقة في حركاته وسكناته .. ولا أفيق من صخبه إلا وأنا معك أيها الأسفلت العزيز !

ودائما ما كان يلاحظ شرودي وأنا أتأمل بعض المارين حولي مفكرة في الدنيا وأحوالها .. فأرى عجوزا هرما قد لامست عظامه الرصيف وهو بانتظار الفرج على الأرجح .. ثم أنظر في وجه تلك السيدة وهي تشاور بيديها إلى - التاكسي - راجية منه أن يقف ليوصلها بعد أن كلت أطرافها .. فتهيم مع سمرة وجهها المجعد ونظرات عينيها المتعبة .. فأتذكر أني قد قابلت الكثيرين من أمثالها ولا زلت أقابلهم كل يوم .. النساء البسطاء من الريف .. بلكنتهن المميزة وصوتهن الذي لا تًخطؤه الأذن .. يبدو التقارب الشديد بينهن كأنهن ولدن لأم واحدة وأب واحد .. وحين تسمع حديثهن سويا تبتسم قليلا وأحيانا تضحك متعجبا منهن .. لكنك ما إن تتأمل الحديث حتى ترى فيه بساطة وطيبة الأرض التي علمتهم الكثير ..
ثم أجد ذلك العجوز الطيب التائه قد طاف بذاكرتي حين استوقفني ليسألني عن مكان المستشفى القريب .. فارتبكت وأخبرته بالطريق الخطأ .. ولازلت أذكر ملامحه التي أثرت في بشده .. وذلك الشقاء أو البؤس الذي كان يبدو على نظراته .. ثم أتذكر إحساسي المريع حين أدركت أني أخطأت في الوصف وبأنه الآن سيضل أكثر وأكثر .. وربما قد أضيف على شقاءه شقاءا أو بؤسا .. فأجد أسفلتي العزيز قد خفف عني وذكرني بأن ضال الطريق لا يعتمد على شخص واحد يسأله .. وبأنه قد تابعه حتى وصل إلى المكان دون عناء فلا داعي للحزن لتلك الذكرى .. !

 فأبتسم ثم  أغفل عن العالم كله وأسرح مع تلك الوريقات والقصاصات الملقاة على الأرض من كل الألوان والأشكال .. منها ما يكون سليما .. ومنها ما قد دهسته عجلة سيارة تسارع الحياة .. ومنها ما قد ضاعت منه الملامح .. فقد كثر المرور عليه .. وصار بلا قيمة .. حتى بلا ألوان !

ثم يسألني دائما عن الحب معللا أنه سبب شرودي عن الدنيا وسيري وحيدة .. فأجيبة بأن الحب لغز لم أتمكن من حله .. ثم ألمح في مخيلتي صورة لإحدى صديقاتي وهي غارقة في الحب .. أو أسمح صوت تنهيدة ساخرة من أخرى .. أو حتى ألاحظ تلك العيون القلقة الباحثة عن الحبيب في كل الأرجاء .. ثم أذكر نفسي وأضحك !

فيتعجب من ضحكتي المفاجئة بعد طول شرود .. فأخبره بأنني تذكرت ما أضحكني .. فيبتسم منتظرا أن أخبره هو الآخر علّى أخفف عنه ما يكابده من أثقال تمر عليه كل يوم .. فأضحك أكثر وأكثر .. ثم أناجيه بأيها الأسفلت العزيز .. أنت تشكي كثرة أثقالك .. لكنها تمر عليك للحظة .. قد تؤلمك وتشقيك حينها .. لكنها تذهب فجأة كما أتت فجأة ..فأنت لم تكن يوما سببا لها .. لكنك بحق لا تدري أن أثقالك الحقيقة تكمن في تلك الوريقات والقصاصات الغريبة التائهة في كل مكان حولك .. فبرغم صغرها وخفتها .. إلا أنها هي أكثر ما يشقيك .. فقد أذهبت عنك جمالك .. وأظهرتك بشكل غير لائق .. أنت هو الغريب أيها الأسفلت العزيز !

فيضحك من فلسفتي التي لا يعرف من أين آتي بها .. فأبتسم وأتذكر حين كنت صغيرة وأطلقوا علي لقب سقراط .. فقط لأني أحببت المعرفة والمعلومات .. أو ربما لأني كنت طفلة غريبة تدخل أنفها في كل النشاطات .. ثم تعاودني أيام الطفولة وأنا أتأمل شريطة وردية لطفلة باسمة .. فأقف فجأة وأحادث الأسفلت راجية منه أن يقذفني إلى الأعلى فأطير .. أو أن يدفعني إلى الأمام لأسير بسرعة الضوء فأخترق حدود الزمان والمكان وأشعر للحظة بالهواء الطلق .. فيضحك .. ويضحك .. ويضحك .. ويظل يضحك حتى يضحكني أنا الأخرى .. وأشعر به يقذف بالنشاط والأمل في قدمي فأبدأ بالسير وأنا أردد " أنا مهما كبرت صغير ! "

  ثم ينتهي المطاف بنا فأتنهد وأنا أوداعبه بقولي : ايه .. دنيا !! .. فيخبرني بأني قد فقدت عقلي وصرت أهذي .. فأخبره بأن في العالم الكثير والكثير مما ينبغي إصلاحه .. وبأن تلك الحياة هي الجانية على ّ .. فأنا لم أفهمها يوما .. ولا أظن أنها ستفهمني .. ثم أغيب في لحظة رمادية يائسة .. ثم أعود فأضحك كثيرا وأنا أسأله عن رقم طبيب نفسي جيد يعرفه ربما قد مر عليه يوما وألقى عليه التحيه .. حينها أكون قد وصلت إلى منزلي .. فأودعه معتذرة عن ثقلي وشاكرة له ذلك الوقت الرائع الذي أمضيته وأنا معه .. فيتركني في صمت ويبتعد مع سيارة حمراء .. أو سائر شريد ليبدأ معه هو الآخر مناجاته المعتادة !


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كم مرة تمنيت فيها لو عاد بك الزمن إلى الوراء علك تصلح ما أفسدت أو تمتنع عن الأخطاء ؟! .. فقط احذر ألا تصل للحظة تتمنى فيها الرجوع .. لأنه مستحيل .. !!!

ابتسم دائما .. فلا داعي للعبوس إلا حين تنقلب الدنيا وتصير الأرض في الأعلى والسماء تحتك وأنت حائر في الوسط لا تعرف إلى أي جهة ستسقط !!!

ما أجملها من صداقة !


 

8 قالوا رأيهم:

Ahmed Elfeky يقول...

رائعة بشدة .. رائعة بقوة .. رائعة هى علاقتك بالاسفلت ..رائعة عبارتك .. رائع توظيفك لمفردات الكلام .. رائعة الأغنية .. رائعة الصور .. أنتى رائعة يا فتاة !

غير معرف يقول...

من أجمل ما قرأت على المدونه حتى الأن لدرجه إنه أجبرنى على الرد على الموضوع ده وأجمل ما فيه طريقه تسلسل أحداثه ونهايته روعه بجد
فيتركني في صمت ويبتعد مع سيارة حمراء .. أو سائر شريد ليبدأ معه هو الآخر مناجاته المعتادة

yasmin lotfy يقول...

جميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل جداااااااااااااااااااااااااااااااااااااا انا بحب اسلوبك اوى يا ضحى ما شاء الله ربنا يبارك فيكى

غير معرف يقول...

مع اني مليش في الادب اوي بس بجد الموضوع ده حببني فيه وكمان حلوة الموسيقس اللي شغالة في الموضوع .....مش عارف اقول ايه بس هوا بجد ممتع

Noody يقول...

جميله اوى يا ضحى بجد والكلام رائعه اوووووووى
والاسلوب جاااااامد
بجد الموضوع شدنى اوى واكتر حد بحب اقراله اوووى
ربنا يكرمك يارب وتعلى اكتر واكتر
ما شاء الله عليكـــــــى

manar يقول...

موش قادرة اوصفلك يا دودو التوبيك ده عجبنى ازاى بجد روعه بمعنى الكلمه لدرجة انى موش مصدقه انك انتى اللى كتباه حاسسه ان اللى يكتب عبارات زى دى مينفعشى يكون دكتور مينفعشى يكون اقل من كاتب كبير بجد ربنا يباركلك يا حبى ودايما كده ممتعانا بكتاباتك .....استمرى

قبل العالم الأخير يقول...

بتهيألى انا قولت على موضوع لحضرتك قبل كده ان الاسلوب كأن الرافعى بيكتب..ده مبقاش مجرد تهيؤ..ده بقى اكيد..ما شاء الله بجد ..ربنا يبارك ..واحسن من مية عامى ..ومتفق مع فقرة من منا على الرغم من محاولتى تغيرها مؤخرا..بالتوفيق فى القادم ان شاء الله..

Doha يقول...

متشكرة جداااا ليكوا والله بجد

موضوع الأسفلت ده كان المفروض اتكتب قبل كده بس بعون الله اتمسح خالص بس كويس انه عجبكوا ..
:D:D

إرسال تعليق

هنا مساحة للتعبير عن رأيك بحرية ..

ازاي أنا رافع راسك وانتي بتحني في راسي ازاي ؟!

ازاي أنا رافع راسك وانتي بتحني في راسي ازاي ؟!

بحبك يا بلادي

بحبك يا بلادي

جمعة النصر : )

جمعة النصر : )

كلنا ايد واحدة

كلنا ايد واحدة